تاريخ النشر: 11/12/2025

أصدر ائتلاف يضمّ 15 منظمة معنيّة بحقوق الإنسان ونقابات عمالية وروابط لمشجعي كرة القدم، إضافةً إلى منظمات تمثّل العمال المهاجرين، تحذيرًا عاجلًا بشأن تصاعد مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بكأس العالم للرجال 2034 التابع للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وذلك بعد عام واحد من منح الفيفا حقوق الاستضافة للسعوديّة.

وفي رسائل أُرسلت في وقت سابق من هذا الشهر إلى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، وإلى رؤساء الاتحادات الكرويّة حول العالم، أبرزت المنظمات المخاوف التي طُرحت قبل اختيار السعوديّة دولةً مضيفة في ديسمبر 2024، والتي ما تزال، بعد اثني عشر شهرًا، دون أي معالجة، في الوقت الذي تستمر فيه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السعوديّة.

ولذلك تحثّ المنظمات الفيفا على اتخاذ إجراءات فوريّة وملموسة، تُطوَّر من خلال مشاورات حقيقيّة مع أصحاب المصلحة، بهدف إزالة الوصمة المتمثّلة في انتهاكات حقوق الإنسان عن البطولة، والضغط على السلطات السعوديّة لتنفيذ إصلاحات أساسيّة في مجالَي حقوق الإنسان والعمل. وحتى الآن، لم تقدّم لا الفيفا ولا الاتحادات الكروية أي ردّ رسمي، باستثناء الاتحاد السويسري لكرة القدم الذي أحالنا إلى التحفّظات التي كان قد عبّر عنها أمام الفيفا قبل اختيار السعوديّة دولةً مضيفة العام الماضي.

لقد كانت الفيفا تقصّر أصلًا في الوفاء بمسؤولياتها في مجال حقوق الإنسان، بل وحتى في تنفيذ سياساتها الخاصّة بحقوق الإنسان، عندما أعلنت في 11 ديسمبر 2024 تأكيد اختيار السعوديّة لاستضافة كأس العالم 2034، دون إجراء مشاورات جادّة أو الحصول على ضمانات ملزمة بشأن حقوق العمال والحماية الأوسع لحقوق الإنسان. وكانت واضحةً أنها، في غياب تحرّك عاجل وإصلاحات شاملة من قبل السلطات السعوديّة، سيُلوَّث مشروع كأس العالم 2034 برمّته بالقمع والتمييز والاستغلال على نطاق واسع.

وبعد مرور عام، لم يطرأ أي تحسّن على الوضع. فما يزال القمع الذي يتعرّض له المواطنون والمقيمون في السعوديّة واقعًا راسخًا ومتجذّرًا. وقد استمرت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان طوال عام 2025، مع بروز اتجاهات جديدة مقلقة، الأمر الذي يبيّن أن المخاطر الكبيرة التي تهدّد سلامة جميع المشاركين في كأس العالم ورفاههم وحقوقهم الأساسيّة لا يجري التعامل معها على الإطلاق.

تشير رسائلنا إلى تقارير نُشرت في عام 2025 تسلط الضوء على الانتهاكات الخطيرة والواسعة النطاق لحقوق العمال المهاجرين في السعوديّة في ظل طفرة عمرانية يغذيها التحضير للبطولة. وتشمل هذه الانتهاكات حالات وفاة في مواقع البناء ضمن مشاريع بارزة (انظر تقارير فيرسكوير وهيومن رايتس ووتش)؛ وانتهاكات في مشروع مترو الرياض؛ وحالات سرقة أجور، بما في ذلك في مواقع مشاريع تابعة لأرامكو ومشاريع في مكة؛ فضلًا عن إساءة معاملة عاملات المنازل والرعاية في شرق أفريقيا. وتشير جميع هذه الأمثلة إلى أنه، في غياب إصلاحات جوهرية في مجال العمل، ستُقام البطولة بثمن إنساني بالغ القسوة. وفي الوقت نفسه، ما يزال نظام الكفالة المسيء قائمًا على خلاف الادعاءات الرسميّة باكتمال إلغائه.

كما تُبرز الرسائل انتهاكات أخرى وُثِّقت خلال عام 2025، من بينها عمليات الإخلاء القسري للسكان لإفساح المجال لمشروع "نيوم"، الذي يُعد أحد خمسة مواقع مخصّصة لاستضافة مباريات كأس العالم؛ وأحكامًا قاسيّة إضافيّة في قضايا تتعلّق بحرية الضمير، بما في ذلك ما صدر بحقّ المدافع عن حقوق الإنسان محمد البجادي والمواطن البريطاني أحمد الدوش؛ وتزايد استخدام قرارات حظر السفر التعسفيّة؛ والارتفاع الحاد في معدلات الإعدام (330 حالة حتى الآن في عام 2025)؛ إضافةً إلى استمرار التمييز القائم على أساس النوع الاجتماعي والدين والميول الجنسيّة. وتُبرز هذه الانتهاكات عدم ملاءمة السعوديّة، في وضعها الحالي، لاستضافة البطولة، كما تكشف عن مخاطر جسيمة تهدّد المواطنين والمقيمين والزائرين على حدّ سواء قبل البطولة وخلالها.

وفي ظل هذه المخاوف المستمرة، تجدّد المنظمات مطالبتها بأن يُربط استمرار حق السعوديّة في استضافة البطولة بشروط صارمة، تتمثّل في تنفيذ إصلاحات مفصّلة وقابلة للقياس في مجال حقوق الإنسان. وتُعدّ هذه الضمانات أمرًا أساسيًا إذا كانت الفيفا جادةً في حماية العمال، ومنع الانتهاكات، وتعزيز الحريات الأساسيّة خلال العقد المقبل.

في رسائلنا، دعونا الفيفا إلى اتخاذ الخطوات التمهيديّة العاجلة الآتية:

  • ضمان إشراك الخبراء وأصحاب المصلحة والجمهور في وضع الخطط والإشراف على التحضيرات وتقييم المخاطر المتعلقة بالبطولة. فهذا المكوّن الجوهري والشمولي غائب بالكامل حتى الآن عن عمليّة إعداد كأس العالم للرجال 2034. ونظرًا للقيود الشديدة المفروضة على الحقوق والحريات الأساسيّة داخل السعوديّة، يجب أن يشمل ذلك مشاورات منتظمة مع جهات خارجية، بما في ذلك المنظمات الحقوقيّة والنقابات العماليّة؛
  • تكليف جهة مستقلة بإجراء مراجعة سنوية لمدى الالتزام بمعايير حقوق الإنسان في التحضيرات الخاصّة ببطولة 2034 (وبطولات كأس العالم الأخرى)، مع تقديم تقرير علني إلى مؤتمر الفيفا؛
  • ممارسة ضغط عاجل على السلطات السعوديّة لتنفيذ التدابير الحيويّة، الواردة في الملحق المرفق بالرسائل، والضروريّة للامتثال لمتطلبات الفيفا للدول المضيفة لبطولاتها.

كما دُعيت الفيفا أن تُعلِن على وجه السرعة الكيفيّة التي تعتزم من خلالها تنفيذ هذه التدابير الحيويّة. وإن الإخفاق في اتخاذ خطوات عمليّة ينطوي على مخاطر جسيمة، وتحمّل الفيفا والاتحادات الكروية الوطنية التي دعمت ملف الاستضافة مسؤوليّة كبيرة.

مشاركة المقال
الولايات المتحدة: اعطوا الأولوية للحقوق خلال زيارة ولي العهد السعودي
قالت 11 منظمة لحقوق الإنسان إن على الحكومة الأمريكية، بما يشمل "الكونغرس"، التطرق إلى الانتهاكات الحقوقية السعودية خلال الزيارة المتوقعة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن في 18 نوفمبر 2025.
الجلسة الستّون لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: القسط وشركاؤها يسلّطون الضوء على المخاوف الحقوقيّة الجسيمة المستمرة في السعوديّة
في سبتمبر 2025، شاركت منظمة القسط لحقوق الإنسان في الدورة الستّين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المنعقدة في جنيف.
مهرجان الرياض للكوميديا: لا مجال للضحك في ظل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان
تكمن المُفارقة الكبرى في مهرجان الرياض للكوميديا المقام حاليًّا في العاصمة السعوديّة، في أنّ مُضيفيه يواصلون في الوقت ذاته قمع حريّة التعبير السلمي والتعليق الساخر داخل البلاد بحق المواطنين.