تاريخ النشر: 28/01/2021

بعنوان "عين على الانتهاكات: حقوق الإنسان في السعودية" نشرت القسط تقريرها السنوي الجديد اليوم ليسلط الضوء على أهم التطورات الحقوقية في السعودية في عام 2020 ويوثقها ويناقشها.

لقراءة كامل التقرير اضغط هنا

ملخص تنفيذي

انتهى عام 2020 وانتهاكات السلطات السعودية لحقوق الإنسان بشتى الأشكال والوسائل مستمرة، ولكن الانتقاد الدولي لسجلها الحقوقي البائس تواصل وازداد واتسع مع عزوف قيادتها متمثلةً في الملك سلمان وولي العهد ابنه محمد بن سلمان عن وضع إصلاحاتٍ ملموسة، ومع دخول العام الجديد يبدو أن ازدياد الضغط لن يتوقف خصوصًا مع انتهاء ولاية الإدارة الأمريكية التي تعهدت بحماية القيادة السعودية من المحاسبة.

بعد جريمة القتل الشنيعة للصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018 واجهت السلطات ما لم تواجهه من قبل من غضبٍ عالميٍّ وانتقادٍ لاذعٍ لقمعها المستمر لحرية التعبير والنشاط الحقوقي وتقييدها لحقوق النساء في المملكة، وفي هذا العام عقدت السلطات آمالها على انتهاز رئاسة مجموعة العشرين الدورية التي تولتها في 2020 فرصةً لتلميع سمعتها الدولية، ولكن هذا المخرج أغلقته حملات المنظمات غير الحكومية الدولية والنشطاء في المهجر بتشجيعها العديد من الجهات الدولية على عدم التساهل مع هذه الانتهاكات وعدم التغاضي عنها في تعاملاتها مع السلطات السعودية.

كان لجائحة كوفيد-19 الأثر البالغ على الوضع الحقوقي في السعودية خصوصًا فيما يتعلق بقضية الحالة الصحية للسجون ومنشآتها وما يعيشه السجناء أصلًا من اكتظاظ في العنابر وانعدام النظافة وتفشّي الأمراض المعدية فيها، وقد تسببت الجائحة بتعليق كافة الإجراءات القضائية لمدة خمسة أشهر وبقاء العديد من المتهمين محبوسين في هذه الأوضاع المزرية دون محاكمة أو إدانة.

تعليق الإجراءات القضائية هذا لم يوقف حملات الاعتقال التعسفي التي استهدفت الناس لممارستهم الحق في التعبير عن الرأي وغيره من الحقوق الأساسية، لتتوسع دائرة قمع حتى في أوساط المسؤولين الحكوميين وأعضاء الأسرة المالكة، ولأنه من غير الممكن أن تشمل أي عملية رصد كافة قطاعات هذه الدائرة لصعوبة الوصول إلى المعلومة، فما يقدمه هذا التقرير قد لا يشكل إلّا لمحةً عامةً أو مؤشرًا تقريبيًّا لتوجهات الوضع الحقوقي في السعودية.

وما ترصده القسط من انتهاكات لا يقف عند الاعتقال التعسفي والاحتجاز دون محاكمة، فقد وثقت القسط تعرض السجناء في 2020 لسياسةٍ دؤوبة من المضايقات اليومية والحرمان من الرعاية الطبية والتواصل العائلي، ولعل أبرز الحالات وأشنعها كانت وفاة المدافع عن حقوق الإنسان عبدالله الحامد نتيجة حرمان السلطات السعودية إياه من الرعاية الطبية الضرورية.

وعندما زاولت السلطات إجراءاتها القضائية في أغسطس 2020 مع استتباب أوضاع الجائحة في البلاد، عادت بنفس الانتهاكات القديمة للضمانات الدولية للمحاكمة العادلة، بجلسات محاكمة للعديد من معتقلي الرأي والحكم على عددٍ منهم بالسجن على خلفية نشاطهم الحقوقي وحقهم في التعبير عن الرأي، مثل المدافعتين عن حقوق الإنسان لجين الهذلول وميّاء الزهراني، والكاتب عبدالله المالكي، والطبيب وليد فتيحي، وأما قضية مقتل جمال خاشقجي فانتهت محاكمتها الصورية بالحكم على ثمانية من المتهمين، بعضهم لم يعلن عن هوياتهم حتى الآن، في خاتمة فظيعة لمحاكمة افتقرت لأدنى درجات الشفافية ولا يصح وصفها إلا بأنها استهزاء بالعدالة.

ومن جهةٍ أخرى تفاقمت ممارسات التهجير القسري هذا العام، فقد هجر آلافٌ من أعضاء قبيلة الحويطات في منطقة تبوك قرب البحر الأحمر وذلك تجهيزًا لمشروع مدينة نيوم الداخلة ضمن رؤية 2030 للتنمية الاقتصادية التي يقودها محمد بن سلمان، وأجري التهجير بالضغط القسري والاعتقال التعسفي، وبلغت التجاوزات والتعديات قتل أحد الأهالي عبدالرحيم الحويطي برصاص قوى الأمن.

وأما الحرب في اليمن فقد دخلت سنتها السادسة في 2020، ولم يكن لإعلان وقف إطلاق النار المؤقت أن يوقف الاشتباكات، فقد استمرت عدد من الجبهات، من ضمنها الضربات الجوية للتحالف بقيادة السعودية التي راح ضحيتها عدد من المدنيين.

وفي خضم الانتقاد الدولي لسجلها الحقوقي المزري حاولت السلطات السعودية تلميع صورتها بإعلان بعض الإصلاحات في الأعوام الأخيرة لم تبلغ أدنى المستويات المطلوبة، فقد أصدرت السلطات في هذا العام أمرًا ملكيًّا عنوانه العريض إنهاء تطبيق حكم الإعدام تعزيرًا على الأحداث، ومضمونه ثغراتٌ تترك للقضاة منافذ عدة لفعل ذلك.

ففيما يتعلق بحكم القتل كانت السعودية، لسنين طويلة، قريبة لموقع الصدارة بين الدول المطبّقة لحكم الإعدام، ولكن عام 2020 شهد انخفاضًا كبيرًا في عدد الإعدامات، وقد أصدرت هيئة حقوق الإنسان بيانًا تصرح فيه أن ذلك ناتج عن مذكرة ملكية أرسلت للقضاء تقضي بمنع تطبيق حكم القتل في دعاوى تهريب المخدرات التي لا يدخل فيها العنف، ولكن هذه المذكرة لم تنشر رسميًّا، أو أن هذا الانخفاض نتج عن آثار الجائحة أو ردة فعلٍ مؤقتة لإرضاء الرأي العام العالمي، فوتيرة تطبيق حكم القتل ازدادت قرب نهاية العام.

إن النسق العام الملاحظ على تطبيق السلطات السعودية للإصلاح هو نشر العناوين البرّاقة دون التزام فعليٍّ بما توحي به، يشهد عليه إعلان "إلغاء نظام الكفالة" في أكتوبر 2020، وهو النظام الذي يربط العامل المقيم بمواطنٍ وكيل عليه، فالعنوان لا يتوافق مع المحتوى الذي تملؤه الثغرات ولا يمس أوضاع ملايين العاملات المنزليات، ليتماثل في ذلك مع إعلان "إنهاء نظام الولاية" ومحتواه تخفيف بعض القيود المفروضة على النساء، فنظام الولاية على المرأة ما زال قائمًا على قدمٍ وساق يعيق حياة ملايين النساء في السعودية.

وبذلك أخذت السلطات السعودية هذه الخطوات الخجولة محدودة الأثر وأطلقت بها عناوين ضخمة سعت بها سعيًا حثيثًا لتصويرها كوثباتٍ شجاعة نحو التقدم والإصلاح، مكثفةً حملات العلاقات العامة الدولية ومدرّةً الأموال في الاستثمارات في قطاعي الرياضة والترفيه، وإن كانت هذه العناوين لاقت آذانًا صاغية وحسن ظنٍّ في الأعوام الماضية، فلم تترك السلطات مجالًا لحسن الظن هذا العام مع تكاثر مواضع التعسف والقمع، فحتى محاولتها استغلال استضافة قمة مجموعة العشرين لتلميع صورتها لم تفلح، وذلك بسبب تعبئة المجتمع المدني الدولي وصنّاع القرار والنشطاء في المهجر، ما فاقم الضغط الدولي على السلطات في الأشهر السابقة للقمة التي انتهى بها الأمر أن عقدت افتراضيًّا بسبب الجائحة، وانسحب منها عدد من رؤساء بلديات المدن الأمريكية والأوروبية من قمة رؤساء المدن، وصوّت البرلمان الأوروبي لتخفيض مستوى حضوره في القمة، وفي أكتوبر 2020 فشلت السلطات في مسعاها للحصول على ولاية إضافية في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة.

من المحتمل أن الإصلاحات التي أعلنتها السلطات والأحكام – المُسيَّسة – المخففة على بعض النشطاء البارزين كان دافعها مخاوفها من هذه الضغوطات، وخصوصًا ما قد يحمله تغير الإدارة الأمريكية من انتهاء الحصانة المطلقة التي قدمتها الإدارة السابقة، ولهذا من المهم أن يحافظ المجتمع الدولي على الضغط على السلطات السعودية ويزيد منه لتنهي انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان وتقوم بإصلاحات حقوقية فعلية وملموسة، أملًا في أن يجلب العام الجديد تقدمًا إيجابيًّا.

مشاركة المقال
حقل واسع للانتهاكات: ملف استضافة السعوديّة لكأس العالم 2034
يقوم ملخص تقرير القسط ملف استضافة السعوديّة لكأس العالم 2034. ووجدت أن أوجه القصور الخطيرة في وثائق تحديد المصالح الفضلى تشير إلى وجود خطر حقيقي بحدوث انتهاكات واسعة النطاق.
المغتربون السعوديّون: مجتمع متنامٍ من المهاجرين واللاجئين
هذا التقرير، المدعم بأقوال كثيرة، الأسباب التي تدفع أعدادًا متزايدة من السعوديين إلى الفرار من بلادهم الغنيّة، والتحديّات المستمرّة التي يواجهونها أثناء العيش في الخارج.
تصوّرات بعيدة عن الواقع، وحقيقة مرة: حقوق الإنسان في السعودية في عام 2023
تقرير القسط السنوي الأخير يوثّق الأوضاع الحقوقية في السعودية عام 2023.