يستمر استخدام السعوديّة المروع لعقوبة الإعدام بوتيرة متسارعة هذا العام، حيثُ تم إعدام ما لا يقل عن 111 أفراد حتى الآن في عام 2025، وسط تصاعد ملحوظ في عمليات الإعدام المتعلّقة بجرائم المخدرات. هذا الإنجاز القاتم يدحض تمامًا أي ادعاء من قبل السلطات بتقييد استخدام عقوبة الإعدام كما تم التعهد به سابقًا، ويثير مخاوف متزايدة على مصير أولئك المعرضين لخطر الإعدام، بمن فيهم الرعايا الأجانب والأطفال المتهمون.
أفادت وكالة الأنباء السعوديّة الرسميّة عن تنفيذ أحكام الإعدام بحق 111 أفراد بالاسم في عام 2025 حتى الآن (في 6 مايو). ويمثل هذا الرقم زيادة بنحو 70% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024، الذي شهد أعلى عدد من الإعدامات في تاريخ السعوديّة، حيث بلغ الإجمالي 345 حالة. وباستثناء فترة توقف بين 21 فبراير و6 أبريل، تزامنت مع شهر رمضان المبارك، فقد نُفِّذت الإعدامات هذا العام بمعدل يزيد عن عملية واحدة يوميًا.
من بين هؤلاء الـ 111 أفراد الذين نُفِّذت بحقهم أحكام الإعدام هذا العام، أُعدم 68 شخصًا لجرائم تتعلق بالمخدرات، استندت جميعًا إلى أحكام التعزير (السلطة التقديرية القضائيّة)، وكان من بينهم 41 وافدًا من 10 دول آسيويّة وأفريقيّة. وتُعدُّ هذه الإعدامات انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يحظر استخدام عقوبة الإعدام في الجرائم التي لا ترقى إلى مستوى "الأكثر خطورة". وقد استمرت فترة توقف سعوديّة قصيرة الأجل عن تنفيذ الإعدامات في قضايا المخدرات من يناير 2021 حتى نوفمبر 2022، لكنها لم تُرسخ قط في تغيير رسمي للسياسة. ويعكس هذا التراجع المقلق خطورة الوضع الراهن، لا سيّما بالنسبة لمئات السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في قضايا تتعلق بالمخدرات، بمن فيهم عشرات المواطنين المصريين المحتجزين في سجن تبوك. وفي هذا الإطار، قدّمت القسط ومنظمات شريكة مؤخرًا قضايا ثلاثة من هؤلاء المواطنين المصريين المعرضين لخطر الإعدام الوشيك، محمد كامل، وفرحات أبو السعود، وعصام شاذلي، إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي. وقد واجهوا انتهاكات خطيرة طوال فترة احتجازهم ومحاكمتهم، بما في ذلك أعمال تعذيب قاسيّة وسوء معاملة شديدة.
في غضون ذلك، حُكم على 12 فردًا ممن عُرف أنهم أُعدموا في عام 2025 بالإعدام لجرائم يُزعم أنها تتعلق بـ "الإرهاب"، والذي يمكن أن يشمل، وفقًا للتعريف الغامض والواسع في القانون السعودي، مجموعة واسعة من الأفعال غير المميتة، بالإضافة إلى تهم مثل "خيانة الوطن".
لطالما كانت السعودية من بين الدول الرائدة في تنفيذ الإعدامات على مستوى العالم. على الرغم من تعهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في عام 2018 بتقليص استخدام عقوبة الإعدام، فإن معدل الإعدامات استمر في الارتفاع، رغم الهدوء النسبي خلال جائحة كورونا. وفي مارس 2022، كرر محمد بن سلمان هذا الالتزام، ومع ذلك، شهدت السنوات اللاحقة أعدادًا قياسيّة ممن عُرف أنهم أُعدموا؛ وقد تكون الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك.
كما تفشل السلطات السعودية في الوفاء بوعدها بشأن إلغاء عقوبة الإعدام للقاصرين. حاليًا، يواجه ما لا يقل عن تسعة شبان خطر الإعدام بسبب جرائم يزعم أنهم ارتكبوها في مرحلة قصرهم. هذا يشكل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان ويتناقض مع الادعاءات الرسمية بإلغاء هذه الممارسة .
إلى جانب ذلك، دعا خبراء الأمم المتحدة مؤخرًا إلى الإفراج الفوري عن خمسة من الأطفال المتهمين المعرضين لخطر الإعدام الوشيك: عبد الله الدرازي، وجلال اللباد، ويوسف المناسف، وجواد قريريص، وحسن الفرج.
وفي ضوء الحجم المثير للقلق الذي تُنفذ به أحكام الإعدام في السعوديّة، نحثُ السلطات هناك على فرض وقف فوري لتنفيذ الإعدامات بهدف الإلغاء الكامل لعقوبة الإعدام في جميع الجرائم. وإلى حين تحقيق ذلك، يجب على السعوديّة أن تقوم على الفور بإزالة أي نصوص قانونيّة تتعلق بعقوبة الإعدام تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان من تشريعاتها، بما في ذلك الجرائم التي لا تفي بمعيار "أشد الجرائم خطورة" المنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، واستخدامها ضد الأشخاص الذين كانوا دون سن الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة.