تاريخ النشر: 09/12/2025

(بيروت، 9 ديسمبر 2025)، قالت "القسط لحقوق الإنسان" و"هيومن رايتس ووتش" اليوم إنّ على السلطات السعوديّة أن تضمن محاكمة عادلة لمواطن فرنسي اعتُقل قبل أكثر من عام بسبب عدم امتلاكه تصريحًا قانونيًا لأداء الحج، وأن تلبّي احتياجاته الصحيّة. وبعد احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي لأكثر من أربعة أشهر، لا يزال موعد الجلسة القادمة لمحاكمته، على خلفيّة مخالفات تتعلق بتصريح التأشيرة واتهامات مرتبطة بحرية التعبير، في انتظار التحديد. ودعت المنظمتان حلفاء السعوديّة، ولا سيما الحكومة الفرنسيّة، إلى إرسال مراقبين لحضور جلسات المحاكمة القادمة.

أفادت القسط بأنّ السيد عبد الفتاح، وهو أب لثلاثة أطفال، وقد تم الاكتفاء بالإشارة إلى اسمه العائلي فقط حفاظًا على خصوصيته، أوقفه عناصر الأمن في 16 يونيو 2024، أثناء أدائه فريضة الحج في مكة المكرمة، وطُلب منه إبراز تصريح الحج. وتبيّن للسلطات أنّ تصريحه غير صالح، بعد أن كان قد وقع دون علمه ضحية احتيال متعلق بالتأشيرات، وهي ظاهرة شائعة تعمل السلطات على معالجتها. وتم احتجاز عبد الفتاح بدايةً في مركز شرطة الحرم، ثم نُقل في اليوم التالي إلى سجن ذهبان قرب جدة.

وعند توقيفه، كانت العقوبة المفروضة على الحجّاج غير الحاصلين على تصريح تتمثل في غرامة قدرها 10,000 ريال سعودي (نحو 2,000 جنيه إسترليني) والترحيل. وقد أُعلن عن عقوبات مماثلة لموسم حج عام 2025 (1446 هـ). ومع ذلك، تعرّض للاحتجاز التعسفي لأكثر من 11 شهرًا قبل أن يُحال إلى المحاكمة، التي بدأت في مايو 2025، وذلك على خلفية مخالفات متعلقة بالتأشيرة واتهامات مرتبطة بالتعبير السلمي.

كما وفي وقتٍ سابق من عام 2025، أبلغته السلطات بأنّه يمكن أن يتوقّع الإفراج عنه قبل عيد الأضحى في نهاية شهر مايو، إلا أنّها قامت بدلًا من ذلك بتقديمه للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصّصة، وهي المحكمة السعوديّة المعروفة باستخدامها في قضايا الإرهاب، وذلك بتهم تشمل: "الدخول غير النظامي إلى مكة"، و"إهانة الحكومة"، و"تمجيد أشخاص مُحاكمين".

إلى جانب ذلك، أفادت القسط بأنه خلال فترة احتجازه تعرّض لسوء معاملة وتعذيب مزعومَين على يد حراس السجن وعناصر الأمن، بما في ذلك الضرب، والحبس الانفرادي، والتهديد بالقتل، وركله وطرحه بقوة على الحائط. وقد أصيب بجروح نتيجة هذه الانتهاكات، وشهد تدهورًا حادًا في حالته الصحيّة، إلا أنّ السلطات حرمتْه من الحصول على الرعاية الطبيّة الأساسيّة.

وأفادت القسط بأنّ السلطات السعوديّة حرمتْه مرارًا من حقه في الحصول على تمثيل قانوني وفي الزيارات العائلية. ومن سبتمبر 2024 حتى 5 أغسطس 2025، سُمح له بإجراء اتصال هاتفي أسبوعي لمدة 15 دقيقة مع زوجته، لكن الاتصالات كانت تُقطع كلما حاول التحدث عن معاملته داخل السجن أو تقديم أي مستجدات حول محاكمته. ومنذ 5 أغسطس، حُظر التواصل مع أسرته تمامًا، ولا يزال محتجزًا بمعزل عن العالم الخارجي. وتؤكد سلطات السجن فقط أنه لا يزال قيد الاحتجاز، من دون تقديم أي معلومات إضافيّة.

وقالت المنظمتان إنّ هذه القضيّة تُظهر أنّ السلطات السعوديّة تستخدم بشكل منهجي قوانين قمعيّة تُجرّم حرية التعبير بهدف إسكات الانتقادات المشروعة وقمع المعارضة السلميّة، في انتهاك للمعايير الدوليّة. كما تُخضع السلطات السجناء المحتجزين على خلفيّة تهم متعلقة بالتعبير لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك التعذيب الجسدي والنفسي.

وبالتالي، عقدت السلطات السعوديّة الجلسة الأولى في قضيته في 26 مايو. وظهر خلالها من دون أي تمثيل قانوني بعد أن حُرم من حقه في توكيل محامٍ. وفي الجلسات اللاحقة، أشارت المحكمة إلى أنّ رفضه الدفاع عن نفسه سيُعتبر إقرارًا بالذنب. ولم يُسمح لعائلة عبد الفتاح بحضور الجلسات، كما لم يحضر أي ممثلين عن السفارة الفرنسيّة.

علاوةً على ذلك، ورغم الطلبات المتكررة، حُرم من الوصول إلى أخصائي في الصحة النفسيّة. وفي آخر جلسة سرّية عُقدت في 25 نوفمبر، كان يعاني من اضطراب نفسي حاد.

وتعمد السلطات السعوديّة في كثير من الأحيان إلى عقد محاكمات سرّية يُمنع فيها حضور المراقبين الدوليّين، بمن فيهم مسؤولو السفارات ووسائل الإعلام الأجنبية، وكذلك الجمهور داخل المملكة. ورغم أن وجود مراقبين دوليّين لا يضمن وحده محاكمة عادلة، فإن غياب العلنية وحرمان المراقبين من الحضور يفاقمان الانتهاكات ويُلحِقان ضررًا إضافيًا بنزاهة الإجراءات القضائيّة.

ينبغي للسلطات السعوديّة أن تسقط فورًا جميع التهم المتعلقة بالممارسة السلميّة لحقوق عبد الفتاح الأساسيّة، وأن تضمن حقه في محاكمة عادلة وفقًا للمعايير الدوليّة، بما في ذلك تأمين التمثيل القانوني وإتاحة الوصول إلى المحكمة.

كما يجب على السلطات السعوديّة أن توفر له الرعاية الطبيّة العاجلة، وأن تتيح له التواصل الفوري مع أسرته وممثلي القنصليّة، وأن تُجري تحقيقًا مستقلًا في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها.

مشاركة المقال
النداء المشترك من أجل الحماية الدوليّة للمدافع السعودي عن حقوق الإنسان المحتجز في بلغاريا منذ أكثر من أربع سنوات
نحن، منظّمات المجتمع المدني الموقعّة أدناه، نعرب عن قلقنا البالغ إزاء التهديد الوشيك بترحيل المدافع السعودي عن حقوق الإنسان عبدالرحمن البكر الخالدي بعد أكثر من أربع سنوات من احتجازه في بلغاريا، إلى السعوديّة.
إعادة محاكمة مدافع مخضرم عن حقوق الإنسان والحكم عليه بالسجن لمدة 25 سنة إضافيّة
أعادت المحكمة الجزائيّة المتخصّصة في السعوديّة، في 27 أكتوبر2025، محاكمة المدافع المخضرم عن حقوق الإنسان محمد البجادي، وحكمت عليه بالسجن لمدة 25 عامًا إضافيّة.
القسط تعبر عن قلقها الشديد بسبب تعيين صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية
القسط تعبر عن قلقها الشديد بسبب تعيين صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية، وذلك بسبب مواقفه المتكررة التي تناهض حقوق الإنسان، وتنتقص من النساء وتحط من كرامتهن.