تاريخ النشر: 17/04/2020

تصر السلطات السعودية على عقد محاكمات سرية، مما يجعل المحاكمات لا ترقى للمعايير الدولية لمحاكمة العادلة، وتمنع السلطات حضور عامة الشعب الذين يعلمون أن طلب الحضور بحد ذاته يجعلهم عرضة للسجن والتعذيب، وتمنع أيضًا حضور المراقبين الدوليين، بمن فيهم مسؤولي السفارات، على الرغم من زعم الإعلام السعودي بأنهم يمكنهم ذلك.

وقد أكد ذلك ردٌّ على سؤالٍ مكتوب طرحه عضو البرلمان كريسبين بلنت من حزب المحافظين في 19 مارس 2020 حول محاكمة ناشطات حقوق المرأة تحديدًا، ونصّ رد أحد مسؤولي الحكومة البريطانية في 27 مارس بالتالي:

“تحضر المملكة المتحدة المحاكمات ذات الأهمية الدولية في كل البلدان حيث ذلك مسموح، وقد قدمت المملكة المتحدة مع غيرها من السفارات في السعودية طلبات لحضور المحاكمات ورفض الطلب في كل محاكمة نحن على دراية بها منذ أكتوبر 2018، باستثناء محاكمات المتورطين في قتل جمال خاشقجي”.

وهذا الرد الذي مفاده أن السفارات الأجنبية مُنِعت مرارًا من حضور المحاكمات في السعودية يتوافق مع المعلومات التي وردت إلى القسط، ويضاف إليها منع الإعلام الدولي وعموم الناس من الحضور، فمنذ أكتوبر 2018 عقدت جلسات محاكمة عدة منها محاكمة ناشطات حقوق المرأة، والمدافعين عن حقوق الإنسان، ورجال الدين، بإجراءاتٍ سرية ودون إشراف أي جهة مستقلة، مما يخالف المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن ” لكلِّ إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحقُّ في أن تَنظر قضيتَه محكمةٌ مستقلَّةٌ ومحايدةٌ، نظرًا مُنصفًا وعلنيًّا”.

ويجب التنويه على أن حضور المراقبين الدوليين وحده لا يضمن المحاكمة العادلة، فحضور مسؤولي السفارات المتاح عمومًا قبل أكتوبر 2018 لم يثني السلطات السعودية عن عقد محاكمات غير عادلة وإنزال أحكام السجن الطويلة على الناشطين السلميين، بل وعقد المحاكمات عند المحكمة الجزائية المتخصصة، وهذا لا ينفي أن الحق في الجلسات العلنية جزء لا يتجزأ من الحق في المحاكمة العادلة.

علّق مدير القسط يحيى عسيري: “يزيد منع حضور المراقبين الدوليين مستوى سرية الإجراءات القضائية في السعودية التي تعاني أساسًا من الانتهاكات العديدة للضمانات الدولية للمحاكمة العادلة، مثل الحرمان من التمثيل القانوني، والتأخير غير المبرر، والقبول الروتيني بالاعترافات المنتزعة بالتعذيب. والآن وقد اعترفت الحكومات الأجنبية علنًا بهذا المنع عليها أن تزيد من ضغطها على السلطات السعودية للسماح لها بحضور المحاكمات وعليها أن تدعو لوضع حد للإجراءات القضائية غير العادلة والإفراج عن المعتقلين تعسفيًا”.

وحتى في المحاكمة الوحيدة التي سمح فيها بحضور الدبلوماسيين الأجانب، أي محاكمة جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، فقد كانت سرّية للغاية ومنع أغلب المراقبين الدوليين من حضورها. ترفض القسط الأحكام المنزلة بالإعدام على خمسة من المتورطين في الجريمة في 23 ديسمبر 2019، فالمحكمة ليست عادلة ولا مستقلة ولم تحاكم المتهمين الأساسيين، وبناءً عليه تكرر القسط دعوتها لعقد محاكمة دولية.

يشكل الحق في محاكمة علنية عنصرًا من عناصر المحاكمة العادلة التي يكرسها عدد من أجهزة حقوق الإنسان الدولية. تحث القسط المراقبين الدوليين على الاستمرار في تقديم طلبات حضور المحاكمات، والضغط على السلطات السعودية حول هذه المسألة، وتدعو السلطات السعودية لتوفير كافة الضمانات القانونية وحقوق المحاكمة العادلة الأساسية للأفراد المحرومين من حريتهم، وتدعو للضغط على السلطات السعودية لكي تفرج إفراجًا فوريًا وغير مشروط عن معتقلي الرأي المحتجزين لممارستهم السلمية لحرياتهم الأساسية.

مشاركة المقال
ناشط سعودي طالب لجوء في بلغاريا معرّض لخطر الترحيل
يخضع الناشط السعودي عبد الرحمن الخالدي لأمر ترحيل من بلغاريا إلى السعودية، حيث سيكون عرضة لخطر كبير من الاحتجاز التعسفي وغيره من الانتهاكات الجسيمة للحقوق.
اعتقالات وحل مجلس إدارة نادٍ في السعودية على خلفية أهازيج جمهوره
على عكس ما تدعيه السعودية عن انفتاحها، واستمراراً لنهجها في خنق حرية التعبير وحرية المعتقد، اتخذت السلطات موقفا متشددا ضد نادي الصفا في مدينة صفوى في المنطقة الشرقية.
يخلص تقرير القسط إلى اتساع الفجوة بين الرواية الرسمية والواقع القاسي لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية
يسلط التقرير السنوي للقسط لعام 2023 الضوء على التناقض الصارخ المتزايد بين مشاريع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اللامعة التي لا طائل منها من ناحية، وقمع الشعب السعودي من ناحية أخرى.