تاريخ النشر: 30/10/2025

في خطوة مثيرة للدهشة، أعادت المحكمة الجزائيّة المتخصّصة في السعوديّة، في 27 أكتوبر 2025، محاكمة المدافع المخضرم عن حقوق الإنسان محمد البجادي، وحكمت عليه بالسجن لمدة 25 عامًا إضافيّة، رغم أنه محتجز منذ أكثر من عامين بعد انقضاء مدّة حكمه السابقة. وتسلّط قضيته الضوء مجددًا على إصرار السلطات السعوديّة على إسكات الأصوات المعارضة السلميّة، وذلك على الرغم من سلسلة الإفراجات عن بعض السجناء في وقت سابق من هذا العام. وتشير القسط إلى علمها بعشرات الحالات المماثلة من الظلم.

يُعد محمد البجادي أحد الأعضاء المؤسّسين في عام 2009 لجمعية الحقوق المدنيّة والسياسيّة في السعوديّة (حسم)، التي حظرتها السلطات لاحقًا. وقد تم اعتقاله وسجنه ثلاث مرات بسبب نشاطه السلمي في مجال حقوق الإنسان، وكان آخرها في 24 مايو 2018 خلال حملة القمع التي استهدفت المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة. وفيما بعد، حُكم عليه بالسجن لمدّة عشر سنوات، مع تعليق تنفيذ خمس سنوات من العقوبة، وقد انتهت مدة حكمه في أبريل 2023. إلا أنه وبعد أكثر من عامين على ذلك، لا يزال محتجزًا في سجن بريدة، حيث حُرم من حقه في الحصول على تمثيل قانوني، وتعرّض لسوء المعاملة بما في ذلك التعذيب والاحتجاز الانفرادي المطوّل دون تواصل مع العالم الخارجي.

وقد أشارت المقررة الخاصّة للأمم المتحدة المعنيّة بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولور، في أبريل 2025 إلى قضيّة محمد البجادي، بهدف تسليط الضوء على النمط المتزايد الذي تتبعه السلطات السعوديّة والمتمثل في الاستمرار في احتجاز السجناء بعد انتهاء مدّة أحكامهم، في انتهاك صارخ للمعايير الدوليّة الأساسيّة ولقوانين المملكة نفسها.

وصرّح يحيى عسيري، مؤسّس القسط، قائلًا: "البجادي أحد أبرز مدافعي حقوق الإنسان في السعوديّة، مقدمًا قيمه ومبادئه ودفاعه عن حقوق الإنسان على مصالحه الشخصيّة رغم كل التضحيات والمخاطر التي واجهها. وبعد أن قضى سنوات في السجن ظلمًا، يواجه اليوم حكم قاسٍ جديد بالسجن لسنوات طويلة، في انتهاكٍ صارخٍ جديد للعدالة. أدعو جميع أصحاب الضمائر الحيّة إلى أن يفعلوا ما بوسعهم من أجل الإفراج عن البطل البجادي، الذي يعدُّ، هو ورفاقه، صمام أمان للحقوق."

منذ أواخر عام 2024، أفرجت السلطات السعوديّة عن عشرات الأشخاص الذين سُجنوا بسبب ممارستهم السلميّة لحقوقهم، إلا أنها ما زالت تحتجز العديد من غيرهم تعسفيًا. وحتى بعد الإفراج عنهم، يظلُّ معظم هؤلاء السجناء يواجهون قيودًا صارمة على حريتهم، من بينها حظر السفر التعسّفي أو المراقبة الإلكترونيّة عبر الأساور الإلكترونيّة.

ومن بين المدافعين عن حقوق الإنسان الذين ما زالوا رهن الاحتجاز: عيسى الحامد (عضو آخر في جمعيّة "حسم"، حُكم عليه بالسجن لمدّة تسع سنوات)، محمد العتيبي (17 سنة)، وليد أبو الخير (15 سنة)، خالد العمير (تسع سنوات)، وإسراء الغمغام (13 سنة). كما تشمل قائمة معتقلي الرأي الآخرين: العامل في جمعيّة الهلال الأحمر عبدالرحمن السدحان (المحكوم عليه بالسجن لمدّة 20 سنة) والذي ما يزال مختفيًا قسريًا؛ ومدرّبة اللياقة البدنية والناشطة في مجال حقوق المرأة مناهل العتيبي (خمس سنوات)؛ ونورة القحطاني (35 سنة)؛ والطبيب ومدير ويكيبيديا أسامة خالد (32 سنة)؛ ورسّام الكاريكاتير محمد ال هزاع الغامدي (23 سنة)؛ والعالِمان محمد الحبيب (12 سنة)، سلمان العودة وحسن فرحان المالكي (الأخيران يواجهان تأخيرات طويلة في محاكمتهما). كما يشمل ذلك عشرة مصريّين نوبيّين (أحكامهم بين سبع وتسع سنوات)، إضافةً إلى عشرات من أبناء قبيلة الحويطات الذين يقضون أحكامًا بالسجن لمدد متفاوتة أو يواجهون أحكامًا بالإعدام.

وفي الوقت نفسه، يتدهور سجل السلطات السعوديّة في مجال حقوق الإنسان بشكل متزايد، مع تصاعد حاد في تنفيذ أحكام الإعدام، شمل أحداثًا مثل جلال لباد وعبد الله الدرازي، والصحفي تركي الجاسر، إضافةً إلى مئات من الرعايا الأجانب الذين أُعدموا بتهم تتعلق بجرائم مخدرات غير عنيفة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وقد تم تنفيذ ما لا يقل عن 314 حكمًا بالإعدام حتى الآن في عام 2025 (حتى 29 أكتوبر)، وهو رقم مرشح لتجاوز الحصيلة القياسيّة المسجّلة العام الماضي والتي بلغت 345 حالة إعدام.

يُعدُّ محمد البجادي واحدًا من بين عدد من النشطاء المحتجزين تعسفيًا، الذين يمتد نشاطهم في مجال حقوق الإنسان لسنوات طويلة. ويُذكر على نطاق واسع بتصريحه البارز الذي قال فيه: "كل معتقلي الرأي أهلي!"

وأضاف يحيى عسيري قائلًا: "كانت مقولة البجادي الشهيرة في رده على وزارة الداخلية التي كانت تريد مساومته بالإفراج عن أقاربه، إن وجد، مقابل صمته، ليؤكد لهم ولنا أنه يدافع عن كل مظلوم، عنهم جميعًا، كواجب حقوقي وإنساني، وهنا واجبنا نحن أن نقف معه. أن نقف جميعًا معه."

تدعو القسط السلطات السعوديّة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن محمد البجادي وجميع الأفراد الآخرين المحتجزين بسبب ممارستهم السلميّة لحقوقهم وحرياتهم الأساسيّة.

مشاركة المقال
القسط تعبر عن قلقها الشديد بسبب تعيين صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية
القسط تعبر عن قلقها الشديد بسبب تعيين صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية، وذلك بسبب مواقفه المتكررة التي تناهض حقوق الإنسان، وتنتقص من النساء وتحط من كرامتهن.
السعوديّة تُعدم مجددًا أحد الجانحين القُصَّر في انتهاكٍ صارخٍ للقانون الدولي
نفّذت السلطات السعوديّة حكم الإعدام بحقّ عبد الله الدرازي، وهو شاب أُدين بعد محاكمة جائرة للغاية بارتكاب ما وُصف بـ"جرائم إرهابية" يُزعم أنه ارتكبها عندما كان قاصرًا، في تجاهلٍ فاضحٍ لأحكام القانون الدولي.
المنظمات غير الحكوميّة تدين التصعيد في استخدام عقوبة الإعدام في السعوديّة
في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، نعرب نحن المنظّمات الموقّعة أدناه عن صدمتنا البالغة إزاء الارتفاع المقلق في عدد الإعدامات التي تنفذها السلطات السعوديّة.