نحن، المنظّمات الموقّعة أدناه، نعرب عن بالغ قلقنا إزاء استمرار الاحتجاز التعسّفي للمحامي والمدافع عن حقوق الإنسان وليد أبو الخير منذ الخامس عشر من أبريل 2014.
يُعدُّ وليد أبو الخير من أبرز المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان، إذ عُرف بدفاعه عن النشطاء السلميّين، والمصلحين السياسيّين، وضحايا القمع الحكومي في السعوديّة. وقد شارك في قضايا حقوقيّة بارزة، من بينها تولّيه الدفاع عن المدوّن رائف بدوي، الذي اعتُقل عام 2012 وقضى عشر سنوات في السجن بسبب تأسيسه موقعًا للنقاش الحرّ، وكذلك دعمه للناشطة الحقوقيّة سمر بدوي. وبصفته رئيسًا لمنظّمة الرصد لحقوق الإنسان في السعوديّة، فقد نشر تقارير عديدة عن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. وقد ركّز نشاطه القانوني باستمرار على مواجهة الاحتجاز التعسفي، وغياب الإجراءات القانونيّة الواجبة، والقيود المفروضة على الحريّات المدنيّة، ما جعله شخصيّة محوريّة في حركة حقوق الإنسان في المملكة. وقد حظي وليد أبو الخير باعتراف دولي واسع تقديرًا لجهوده الدؤوبة في الدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة في السعوديّة، حيث نال جائزة رايت لايفليهود لعام 2018، وجائزة نقابة المحامين الأمريكيّة الدوليّة لحقوق الإنسان لعام 2019، وجائزة مؤسّسة أولوف بالمه التذكاريّة لعام 2021.
في الخامس عشر من أبريل 2014، تم اعتقال المحامي الحقوقي وليد أبو الخير أثناء جلسة محاكمته أمام المحكمة الجزائيّة المتخصّصة في الرياض. وبحسب ما ورد، لم يتم إبلاغ أسرته أو محاميه باعتقاله لمدّة 24 ساعة، كما تم احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي لمدّة تراوحت بين شهرين وثلاثة أشهر. ولا يزال يتعرّض لسوء المعاملة، بما في ذلك الحرمان من النوم وحرمانه من الحصول على الأدوية اللازمة.
وفي الثاني والعشرين من أبريل 2014، وأثناء بدء محاكمة السيد وليد أبو الخير، أفاد محامون حضروا الجلسة بأن القاضي رفض على ما يبدو توضيح أسباب اعتقاله أو احتجازه، مما شكّل انتهاكًا إضافيًّا لحقه في محاكمة عادلة.
وفي نهاية المطاف، في يوليو 2014، وُجّهت إلى السيد وليد أبو الخير سلسلة من التهم ذات دوافع سياسيّة، من بينها "تقويض النظام"، و"نقض البيعة لولي الأمر"، و"إهانة القضاء"، و"تحريض الرأي العام"، و"تأسيس منظّمة غير مرخّصة"، و"مخالفة نظام مكافحة جرائم المعلوماتيّة" من خلال أنشطته السلميّة وتصريحاته العلنيّة، وهي تهم تُجرّم بشكل مباشر عمله المشروع في مجال حقوق الإنسان. وقد حُكم عليه بالسجن لمدّة 15 عامًا، وحُظر من السفر لمدّة 15 عامًا أخرى، إضافةً إلى تغريمه 200,000 ريال سعودي.
خلال فترة سجنه، تعرّض السيد وليد أبو الخير لسوء معاملة بالغ، شمل تقييد زياراته، وحرمانه من أبسط الضروريّات مثل الفراش المناسب ودرجة الحرارة الملائمة، ومصادرة المواد القرائيّة. ومنذ اعتقاله في عام 2014، تعرّض وليد أبو الخير لعدّة عمليّات نقل بين السجون، غالبًا في ظروف قاسيّة وتنطوي على طابع عقابي. فقد احتُجز بدايةً في سجن الحائر بالرياض، ثم نُقل إلى سجن بريمان في جدة، ولاحقًا إلى سجن ذهبان في جدة، حيث يقبع حاليًّا. وقد تمّت هذه التنقّلات، التي تجاوزت خمس مرات، بشكل مفاجئ ودون أي توضيح. ويبدو أن تكرار نقله يشكّل أسلوبًا للانتقام منه بسبب رفضه التعاون مع السلطات وإصراره على الدفاع عن حقوقه. وتثير عمليّة النقل الأخيرة قلقًا خاصًّا، إذ أفادت التقارير بأن السيد أبو الخير تعرّض خلالها للاعتداء الجسديعلى أيدي بعض السجناء، إلى جانب حرمانه من الرعاية الطبيّة اللازمة.
كما وفي عام 2015، أعلن فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، رسميًّا أن احتجاز وليد أبو الخير تعسّفي، مخالف للمواد 9 و10 و19 و20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. واعتبر الفريق أن احتجازه تعسّفي لأنه جاء نتيجة ممارسته لحقوقه في حريّة التعبير والتجمّع السلمي، ولما شاب محاكمته من انتهاكات جسيمة لحقوق المحاكمة العادلة. وخلص الفريق إلى أن ملاحقته القضائيّة تندرج ضمن نمط أوسع من أعمال الانتقام ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان في السعوديّة. كما أعرب الفريق عن قلقه إزاء محاكمته أمام المحكمة الجزائيّة المتخصّصة، التي أُنشئت أصلًا للنظر في قضايا الإرهاب، بناءً على تهم مبهمة وفضفاضة تجرّم النشاط السلمي. وخلص إلى أن استمرار احتجازه يجسّد إساءة استخدام الأطر القانونيّة لإسكات الأصوات المعارضة، وطالب بالإفراج الفوري عنه.
ومع ذلك، وعلى الرغم من إفراج السعوديّة مؤخّرًا عن عدد من المعتقلين السياسيّين، لا يزال السيد وليد أبو الخير رهن الاحتجاز الجائر، بعد أن قضى حتى الآن أكثر من عقد من الزمان خلف القضبان.
تجدر الإشارة إلى إن اعتقال ومحاكمة واحتجاز السيد وليد أبو الخير تنتهك المبادئ الأساسيّة للأمم المتحدة بشأن دور المحامين، ولا سيما المبادئ 16 و17 و18 و23، وقد نصّت بعض المواد على ما يلي:
- "يتعيّن على الحكومات أن تكفل للمحامين (أ) القدرة على أداء جميع مهامهم المهنيّة دون تخويف أو إعاقة أو مضايقة أو تدخّل غير مشروع؛ (ب) حريّة التنقّل والتشاور مع موكليهم داخل بلادهم وخارجها؛ (ج) وألا يتعرّضوا للملاحقة القضائيّة أو العقوبات الإداريّة أو الاقتصاديّة أو غيرها من العقوبات، أو التهديد بها، بسبب أي إجراء يتخذونه وفقًا لواجباتهم ومعاييرهم وأخلاقيّاتهم المهنيّة المعترف بها."
- "عندما تتعرّض سلامة المحامين للتهديد نتيجة قيامهم بمهامهم، يتعيّن على السلطات أن توفر لهم الحماية الكافية."
- "لا يجوز الربط بين المحامين وبين موكليهم أو القضايا التي يدافعون عنها بسبب ممارستهم لمهامهم."
- "للمحامين، شأنهم شأن باقي المواطنين، الحق في حريّة التعبير والمعتقد وتكوين الجمعيّات والاجتماع. ويشمل ذلك على وجه الخصوص حقّهم في المشاركة في النقاش العام حول مسائل القانون وإدارة شؤون العدالة وتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وكذلك الانضمام إلى منظّمات محليّة أو وطنيّة أو دوليّة أو تأسيسها والمشاركة في اجتماعاتها، دون أن يتعرضوا لقيود مهنيّة بسبب تصرفاتهم المشروعة أو عضويّتهم في منظّمة مشروعة. ويتعيّن على المحامين، لدى ممارستهم لهذه الحقوق، الالتزام بالقانون والمعايير والأخلاقيّات المهنيّة المعترف بها."
لذلك، فإننا نحن المنظّمات الموقّعة أدناه، نناشد السلطات السعوديّة بما يلي:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن وليد أبو الخير؛
- وإلى حين الإفراج عنه، ضمان حصوله فورًا على الرعاية الطبيّة والأدوية اللازمة، ووقف جميع أشكال سوء المعاملة بحقه؛
- وقف كافة أعمال الترهيب والمضايقة بحق المحامين وغيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال والاحتجاز التعسفي؛
- ضمان تمكين جميع المحامين في السعوديّة من أداء واجباتهم المهنيّة دون تخويف أو إعاقة أو تدخّل غير مشروع؛
- ضمان تمكين جميع الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم من الوصول إلى العدالة والإجراءات القانونيّة الواجبة، وضمان حق الجميع في حريّة التعبير، ووقف اضطهاد نشطاء المجتمع المدني.
المنظّمات الموقّعة:
- القسط لحقوق الإنسان
- مركز حقوق الإنسان التطبيقيّة
- جمعيّة القانون في إنجلترا وويلز
- محامون من أجل المحامين
- رايت لايفليهود