تاريخ النشر: 30/09/2025

تكمن المُفارقة الكبرى في مهرجان الرياض للكوميديا المقام حاليًّا في العاصمة السعوديّة، في أنّ مُضيفيه، بينما يفتحون الأبواب لكوميديّين ساخرين عالميّين بارزين، يواصلون في الوقت ذاته قمع حريّة التعبير السلمي والتعليق الساخر داخل البلاد بحق الصحفيّين والمدوّنين والمواطنين العاديين. ويتزامن المهرجان، المُمتد من 26 سبتمبر إلى 9 أكتوبر 2025، مع الذكرى السابعة لجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر 2018 بقرار رسمي، في وقت لا يزال فيه عدد لا يحصى من الأفراد رهن الاعتقال التعسّفي أو محظورين من السفر إلى الخارج لمجرّد ممارستهم السلميّة لحقهم الأساسي في حرّيّة التعبير. تدعو منظمة القسط الكوميديّين المشاركين إلى استغلال هذه المنصّة لإثارة قضايا محدّدة مثيرة للقلق، بما في ذلك قضايا السعوديّين المحتجزين تعسفيًّا وأولئك المعرّضين لخطر الإعدام.

يعتبر الحدث اللامع الممتد لأسبوعين، وهو الأول من نوعه في الرياض، يضمّ قائمة من أشهر الكوميديّين العالميّين، من بينهم الأمريكيّان ديف تشابيل وعزيز أنصاري، إلى جانب النجم البريطاني جيمي كار، الذين يُقال إنهم يتقاضون مئات آلاف الدولارات مقابل مشاركتهم. ومع ذلك، تتجلّى المفارقة الصارخة بين بريق الاستثمارات الضخمة لولي العهد محمد بن سلمان في مجالي الرياضة والترفيه، في إطار خطة "رؤية 2030" للتحوّل الوطني، وبين القمع الواسع والمستمر للشعب السعودي.

فإن الكوميديا الارتجاليّة قائمة على حريّة التعبير والسخرية، وقد أعرب عدد من الكوميديّين الذين لم يشاركوا في مهرجان الرياض، من بينهم زاك وودز ومارك مارون، عن مواقف علنيّة بشأن الانتهاكات الحقوقيّة في السعوديّة. وفي المقابل، ورد أنّ الكوميدي تيم ديلون تمّت إقالته من المهرجان بعد أن أدلى بتعليقات ناقدة عبر برنامجه الإذاعي. في حين أعربت الكوميدية أتسوكو أوكاتسوكا في 27 سبتمبر عن رفضها المشاركة في المهرجان ونشرت بريدًا إلكترونيًا للدعوة التي تلقتها والذي احتوى على القيود المفروضة والمواضيع التي يجب عدم التطرق إليها، بما في ذلك كل ما يمس سمعة قادة البلاد.

إلا أنّ سجل السلطات السعوديّة في مجال حريّة التعبير وحقوق الإنسان ليس مادة للضحك. فعلى سبيل المثال، العامل الإنساني عبدالرحمن السدحان اختفى قسريًّا وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا بسبب محتوى ساخر سلمي نشره على منصّة "إكس" (تويتر سابقًا). ومؤخّرًا فقط، تم إعدام الصحفي تركي الجاسر بتهم فضفاضة شملت الإرهاب والخيانة وتعريض الأمن القومي للخطر، على خلفيّة مقالات نشرها على الإنترنت تناول فيها قضايا حسّاسة من بينها حقوق النساء والفساد ومعاناة الفلسطينيّين.

وقد نفّذت السعوديّة حتى الآن في عام 2025 ما لا يقلّ عن 285 حكمًا بالإعدام، من بينهم نحو 200 شخص في قضايا تتعلّق بجرائم المخدّرات غير العنيفة، ومعظمهم من جنسيّات أجنبيّة. وفي تطوّر بالغ الخطورة، أُعدم في أغسطس المنصرم الطفل الجانح جلال لباب، ما يثير مخاوف جدّية على مصير ما لا يقلّ عن ستة قاصرين محكومين حاليًا بالإعدام في انتهاك للقانون الدولي.

إلى جانب ذلك، كانت القسط قد تواصلت الأسبوع الماضي مع عدد من الكوميديّين المقرر مشاركتهم في مهرجان الرياض، أو مع ممثليهم، إلا أنها لم تتلقَّ أي رد حتى الآن.

وعلّقت مسؤولة قسم الرصد والمناصرة في القسط، نديين عبدالعزيز، قائلةً: "الصمت في مواجهة الظلم تواطؤ. هؤلاء الكوميديّون يُحتفى بهم لتجاوزهم الخطوط الحمراء وجرأتهم في مواجهة السلطة بالحقيقة. ونحن نحثّهم على تجسيد هذه المبادئ، وعدم التخلّي عنها، عندما تكون الحاجة إليها في أشدّها"

مشاركة المقال
القسط وشركاؤها يلقون بيانات شفهيّة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مسلطين الضوء على شواغل عاجلة في مجال حقوق الإنسان في السعوديّة
في 16 سبتمبر 2025، وأثناء الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ألقت القسط بيانين شفهيين مشتركين سلطا الضوء على شواغل عاجلة تتعلق بحقوق الإنسان في السعوديّة.
اللجنة السعوديّة لحقوق الإنسان: 20 عامًا من تلميع سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان
في الذكرى العشرين لتأسيس اللجنة السعوديّة لحقوق الإنسان، تلفت المنظمات الموقّعة أدناه الانتباه إلى الفشل المستمر والمنهجي لهذه المؤسّسة في أداء دورها كهيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان.
النداء المشترك من أجل العدالة لضحيّة النظام الكفالي في السعوديّة من الجنسية الهنديّة
نحن، المنظمات الموقعة أدناه، ندين بشدة العمل القسري، والابتزاز المالي، والانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها المغترب الهندي أحمد عبد المجيد على يد رب عمله السعودي، مجموعة "سيرا".