نحن، منظّمات المجتمع المدني الموقعّة أدناه، نعرب عن قلقنا البالغ إزاء التهديد الوشيك بترحيل المدافع السعودي عن حقوق الإنسان عبدالرحمن البكر الخالدي بعد أكثر من أربع سنوات من احتجازه في بلغاريا، إلى السعوديّة، حيث يواجه خطرًا حقيقيًا بالتعرض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بسبب نشاطه السلمي. وندعو السلطات البلغاريّة إلى وقف ترحيل الخالدي فورًا، امتثالًا لالتزاماتها القانونيّة بموجب القانون الدولي والأوروبي والوطني، والإفراج عنه من الاحتجاز، ومنحهُ الحماية الدوليّة من خلال عمليّة لجوء عادلة ونزيهة.
لقد وجد الخالدي نفسه عالقًا في إجراءات لجوء مطوّلة في بلغاريا منذ نوفمبر 2021، وصدر بحقه أمر بالترحيل منذ عام 2024. وفي 15 يوليو 2025، رفضت المحكمة الإداريّة العليا في بلغاريا استئناف الخالدي ضد قرار احتجازه، مما وضعه في خطرٍ وشيك.
بدأ الخالدي نشاطه السلمي خلال أحداث الربيع العربي عام 2011 بانضمامه إلى جمعيّة الحقوق المدنيّة والسياسيّة في السعوديّة (حسم) ومشاركته في احتجاجات مؤيدة للإصلاح. وفي أعقاب موجة الاعتقالات التي طالت زملاءه النشطاء عام 2013، وبعد أن تم استدعاؤه هو نفسه للتحقيق، فرّ من السعوديّة وواصل عمله الحقوقي في المهجر. لاحقًا، انضم الخالدي إلى مشروع الصحفي المعارض جمال خاشقجي المعروف باسم "جيش النحل الإلكتروني"، وهو مبادرة هدفت إلى مواجهة حملات التضليل الإعلامي التي تديرها الدولة. وفي عام 2021، ومع تصاعد التهديدات ضده في تركيا، قرر الخالدي طلب اللجوء في الاتحاد الأوروبي. غير أنه اعتُقل فور وصوله إلى بلغاريا بعد وقت قصير من عبوره الحدود التركية-البلغاريّة في 23 أكتوبر 2021. ومنذ ذلك الحين، أمضى أكثر من أربع سنوات في الاحتجاز، وهي من أطول الفترات لأي طالب لجوء في أوروبا وفقًا للبيانات العلنيّة الصادرة عن المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان، معظمها تحت ظروف قاسيّة ومهينة في مركز احتجاز بوسمانتسي في صوفيا. وفي 26 سبتمبر 2025، قررت مديرية الهجرة تمديد فترة احتجازه لستة أشهر إضافيّة.
في 16 نوفمبر 2021، تقدّم الخالدي بطلب لجوء في بلغاريا، مشيرًا إلى المخاطر الجسيمة لانتهاكات حقوق الإنسان التي قد يتعرض لها إذا أُعيد إلى السعوديّة. غير أن الوكالة الحكوميّة البلغاريّة لشؤون اللاجئين رفضت طلبه، مدعيّة أن السعوديّة قد "اتخذت تدابير لإضفاء الطابع الديمقراطي على المجتمع". ولا يزال استئنافه قائمًا حتى الآن.
ورغم صدور عدة أحكام قضائيّة لصالحه، بما في ذلك أحكام نهائيّة تأمر بالإفراج عنه، فقد تجاهلت السلطات البلغاريّة هذه القرارات أو التفّت عليها. وفي فبراير 2024، أصدرت وكالة الأمن القومي أمرًا بترحيل الخالدي، واصفةً إياه، دون أي دليل، بأنه "تهديد للأمن القومي". وقد أيدت المحكمة الإداريّة في صوفيا لاحقًا هذا القرار، وهو ما يشكّل انتهاكًا لمبدأ عدم الإعادة القسريّة المنصوص عليه في القانون الدولي، نظرًا لوجود مخاطر موثقة جيدًا بأن الخالدي سيتعرض في حال إعادته إلى السعوديّة للتعذيب، ومحاكمة غير عادلة، وربما حتى لعقوبة الإعدام.
خلال فترة احتجازه، بحسب ما ورد تعرض الخالدي لسلسلة من سوء المعاملة المتكررة، شملت الضغوط النفسيّة والاعتداءات الجسديّة. ففي مارس 2024، أفاد المدافع عن حقوق الإنسان بأن تعرض لضرب مبرح على أيدي ضباط شرطة. كما حاول الانتحار، وخاض إضرابًا عن الطعام استمر أكثر من مئة يوم، وتم تشخيص حالته باضطراب ما بعد الصدمة المعقد. ورغم المخاوف التي أثارتها المحاكم البلغاريّة وخبراء الأمم المتحدة والمنظّمات غير الحكوميّة وأعضاء في البرلمان الأوروبي، لا تزال السلطات البلغاريّة تحتجزه بشكل غير قانوني وتهدده بالترحيل.
وفي دراسة حول القمع العابر للحدود ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، نشرتها اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، بتاريخ 12 يونيو 2025، تم تسليط الضوء على قضيّة الخالدي باعتبارها مثالًا رئيسيًا على استخدام الاحتجاز كأداة في القمع الجسدي العابر للحدود.
إن ترحيل الخالدي إلى السعوديّة سيمثل انتهاكًا جسيمًا لالتزامات بلغاريا بموجب القانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي والقانون الوطني، بما في ذلك دستورها الذي ينص على أن بلغاريا تمنح اللجوء للأجانب المضطهدين بسبب آرائهم أو نشاطهم في الدفاع عن الحقوق والحريات المعترف بها دوليًا.
وبناءً عليه، نحن المنظّمات الموقعّة أدناه، ندعو السلطات البلغاريّة إلى:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن عبدالرحمن الخالدي، تنفيذًا للأحكام القضائيّة الصادرة عن المحاكم البلغاريّة؛
- ضمان عدم ترحيله إلى السعوديّة أو أي بلد آخر يواجه فيه خطر الإعادة القسريّة؛
- تسهيل إعادة توطينه في بلد ثالث آمن، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين؛
- فتح تحقيق مستقل في الانتهاكات التي تعرض لها أثناء الاحتجاز، بما في ذلك حادثة الضرب في مارس 2024، ومحاسبة المسؤولين عنها؛ و
- ضمان توافق نظام اللجوء في بلغاريا مع معايير حقوق الإنسان للاتحاد الأوروبي والمعايير الدوليّة، لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلًا.
وفيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، فإننا ندعو إلى ما يلي:
- أن تقوم المفوضيّة الأوروبيّة بتقييم إمكانية تعليق أو إعادة برمجة أي دعم أوروبي مرتبط بمراكز الاحتجاز السابقة للترحيل في بلغاريا، إلى أن يتم ضمان الامتثال الكامل لـ ميثاق الحقوق الأساسيّة للاتحاد الأوروبي؛
- المفوضية الأوروبية لإجراء مراجعة لأي دعم محتمل من المفوضية الأوروبية مرتبط بمركز احتجاز بوسمانتسي، بهدف تقييم مدى امتثاله لميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي (CFR).
- أن يعقد البرلمان الأوروبي (اللجنة الفرعيّة لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي/لجنة الحريات المدنيّة والعدل والشؤون الداخليّة) جلسة عاجلة، وأن ينظّم بعثة لتقصي الحقائق إلى مركز احتجاز بوسمانتسي؛ و
- أن يدرج مجلس الاتحاد الأوروبي (فريق العمل المعني بالحقوق الأساسيّة وحقوق المواطنين وحريّة تنقل الأشخاص) هذه القضيّة على جدول أعماله.
المنظّمات الموقعّة:
- القسط لحقوق الإنسان
- مجلس اللاجئين البافاري
- مركز المساعدة القانونية - الصوت في بلغاريا
- مجموعة طرق البلقان
- منظمة داون
- المنظمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان
- فريدوم هاوس
- فرونت لاين ديفندرز
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- الخدمة الدوليّة لحقوق الإنسان
- مؤسسة دعم القانون والديمقراطية
- Melting Pot Europe
- مجموعة منّا لحقوق الإنسان
- مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط
- منظمة التضامن مع المهاجرين في بلغاريا
- أجنحة البعثة
- مجلس اللاجئين في ميونيخ
- مطبخ بلا اسم
- شبكة أوريون للقيادة والسلطة
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في إطار المرصد لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان